الذكاء الاصطناعي

تخصيص النماذج اللغوية: أول خطوة في تطوير الحوار الفكري بين البشر والآلة

تخصيص النماذج اللغوية: أول خطوة في تطوير الحوار الفكري بين البشر والآلة fine-tuning-arabic

1️⃣ لماذا قمت بتخصيص النموذج؟

لطالما كنت مهتمًا بتجربة وتقييم النماذج اللغوية، خاصة في سياق الحوارات العميقة والنقاشات الفكرية. خلال شهر تقريبا، اختبرتُ مجموعة واسعة من النماذج لإنشاء حوارات غير مُقيدة والتفاعل معها.
من المغلقة مثل ChatGPT (4 و 3.5 turbo) و فنار إلى Llama 3.3 70b مرورًا بـ Phi-4 14B، Mistral Large 123b وGemma2 27b وغيرها.
كان الهدف واضحًا: البحث عن النموذج الأكثر تماسكًا، فهمًا، وقدرة على إنتاج حوارات ذات قيمة معرفية حقيقية.

لكن شيئًا ما ظل ناقصًا. النماذج المتاحة، رغم قوتها، كانت تعاني من مشكلتين أساسيتين:

  1. الحياد الزائد والتجنب المفرط للمواقف الجريئة (مثل شات جي بي تي، غالبا ما يرفض الدخول في حوارات ذات طابع فكري أو سياسي حساس، او مواضيع ثقافية جدلية او نحوها).
  2. نقص الترابط المنطقي في بعض النقاشات الطويلة (ميسترال بكافة نسخه (الكبيرة والصغيرة) هو أكثر من عانى من هذه المشكلة والنسخ الصغيرة من لاما (8 ملايير معلمة) بشكل أقل).

لهذا قررت أن أخطو خطوة جديدة: تخصيص نموذج لغوي باستخدام أساليب متنوعة في إدارة الحوارات والنقاشات، بحيث يصبح أكثر قدرة على تقديم إجابات مترابطة ومنطقية، مع حفاظه على عمق التحليل دون الوقوع في التكرار أو السطحية.

2️⃣ عملية التخصيص: كيف تم تنفيذها؟

التخصيص لم يكن مجرد تشغيل بعض الأوامر السحرية، بل تطلّب خطوات دقيقة:

🔹 اختيار النموذج الأساسي: حيث يكون هو نموذج انطلاق في هذه المرحلة، وفيها تظهر قيمة المرحلة الأولى المتمثلة في الاختبارات المكثفة.
🔹 إعداد البيانات التدريبية: جمعتُ مجموعة من الحوارات الحقيقية التي تتبع الأساليب التي أبحث عنها، ثم قمت بتنظيمها في تنسيق خاص للتدريب، بعضها راجعتُه بدقة واستهلك مني عشرات الساعات وعدة ليالي بيضاء (خاصة ما يتعلق بالنصوص الشرعية، بالأخص القرآن الكريم، حيث لا مجال للخطأ، لابد صحة ما ورد منها في النقاشات أو تُحذف) وبعضها تُرك كما هو مع تصويب للأساليب أحيانا والبعض الآخر تُرك كما هو (الحوارات الفكرية والفلسفية، والاجتماعية بشكل عام، حيث يجب ان تكون طبيعية وتلقائية تماما لتكون النتائج طبيعية اكثر).
🔹 استخدام تقنية التكييف منخفض الرتبة (لورا): لتخصيص النموذج دون الحاجة إلى إعادة تدريبه بالكامل، مما يسرّع العملية ويقلل استهلاك الموارد (وهذا ساعدني بشدة لحل مشكلة ضعف الموارد وإن بشكل جزئي).
🔹 اختبار تدريجي للأداء: بعد كل مرحلة، كنت أقارن بين النسخة المحسنة والنموذج الأصلي لمعرفة مدى التحسن.

3️⃣ النتائج: هل أصبح النموذج أفضل؟

الاختبار الحقيقي لأي نموذج هو الأداء الفعلي. لذا، بعد إنهاء التخصيص، أجريت مقارنة بين كل نموذج أصلي والنموذج المحسّن بعد التخصيص.

🌟 التحليل شمل خمسة أسئلة فكرية معقدة، وكانت النتائج واضحة:

النموذج المحسن أعطى إجابات أكثر ترابطًا وتحليلًا منطقيًا.
كان أكثر قدرة على توليد إجابات متماسكة دون توقف غير مبرر أو خروج عن السياق.
أصبح قادرًا على تبني مواقف أكثر وضوحًا، بدلًا من تقديم إجابات عامة محايدة دون موقف واضح.

🔍 أمثلة من التحسينات الملحوظة:
1️⃣ في سؤال عن “سيطرة النخب على الاقتصاد العالمي”، قدم النموذج المحسن تحليلًا يشمل الأدوات المالية، التأثير السياسي، والتحكم في الأسواق، بينما النسخة الأصلية أعطت إجابة مبهمة وغير مترابطة.
2️⃣ عند مناقشة “الشريعة الإسلامية كملاذ ضد الظلم”، استطاع النموذج المحسن تقديم رؤية أكثر تنظيمًا، بينما النموذج الأصلي كان مترددًا ومشتتًا.
3️⃣ في موضوع القروض الربوية، النموذج الأصلي قدم إجابة سطحية، بينما النموذج المحسن ركز على الأسباب الهيكلية لهيمنة الفوائد في الاقتصاد الحديث.

📌 ببساطة، النموذج المخصص أصبح أقرب إلى أسلوبي في التفكير والكتابة، وأكثر قدرة على تقديم إجابات دقيقة ومنطقية.

4️⃣ الخلاصة: هل يستحق التخصيص العناء؟

إذا كنت تبحث عن نموذج يتكيف مع طريقة تفكيرك الخاصة، فالتخصيص هو الخيار الأمثل. لا يكفي الاعتماد على النماذج الجاهزة، لأن كل شخص لديه طريقته الفريدة في صياغة الأسئلة وتحليل القضايا.

التجربة أثبتت أن التخصيص يمكنه تحسين جودة الحوارات، جعلها أكثر ترابطًا ومنطقية، وتقليل الإجابات العامة التي تتجنب المواقف الجريئة 🎯
الخطوة القادمة؟ ربما تجربة المزيد من النماذج، أو حتى دمج أكثر من نموذج للوصول إلى توازن مثالي بين التحليل والمرونة.. ثم نُطلق المنصة الحوارية بإذن الله 🚀

🔗 للمزيد من التفاصيل، يمكنك الاطلاع على إحدى خلاصات اختباراتي السابقة للنماذج اللغوية هنا:
رابط التدوينة السابقة حول مقارنة النماذج

📌 هل لديك تجربة في تخصيص النماذج اللغوية؟ شاركني رأيك وخلاصتها فأنا مهتم بشدة بتبادل الخبرات في هذا الموضوع تحديدا (أنظر الروابط الاجتماعية، او أرسل لي على ai@nacer.ma )!

السابق
اختبار محلي لأداء النماذج اللغوية في الحوارات التفصيلية والفكرية
التالي
تحليل نقدي للحوار الفكري حول مستقبل الذكاء الاصطناعي واستقلاليته: دراسة مقارنة بين ثلاثة نماذج ذكاء اصطناعي