لطالما كان مفهوم السعادة أحد المواضيع الأكثر تجريدًا وتعقيدًا في القياس، ومع ذلك أصبح مؤشر السعادة العالمي أحد الأدوات المستخدمة لتقييم جودة الحياة عبر مختلف الدول. في هذا المشروع، قمت بتحليل بيانات مؤشر السعادة العالمي وتصميم لوحة بيانات تفاعلية، لكن ما برز أثناء التحليل هو التساؤل: هل تقدم هذه البيانات صورة واضحة عن السعادة؟ أم أنها تظل قاصرة عن الإجابة على السؤال الأساسي؟
هدف المشروع
الهدف من المشروع كان تحليل وفهم العوامل التي يزعم مؤشر السعادة العالمي أنها تؤثر على السعادة، مثل نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، الدعم الاجتماعي، ومتوسط العمر المتوقع. كما تضمن المشروع تصميم لوحة بيانات تفاعلية لاستكشاف العلاقات بين هذه العوامل. ومع ذلك، أصبح واضحًا أثناء التحليل أن هذه المؤشرات قد تكون محدودة في قدرتها على التقاط المفهوم الحقيقي للسعادة.
خطوات المشروع والنقد الموجه
1. استيراد البيانات ومعالجتها
- تم جمع البيانات من تقرير مؤشر السعادة العالمي، والذي يعتمد بشكل كبير على بيانات اقتصادية واجتماعية.
- النقد: البيانات تُركز على عوامل مادية واقتصادية يمكن قياسها بسهولة، لكنها تتجاهل الجوانب النفسية والثقافية، والتي قد تكون أكثر تأثيرًا على السعادة.
2. تحليل البيانات الاستكشافي (EDA)
- أظهرت التحليلات ارتباطًا قويًا بين نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي ومستوى السعادة، وكذلك بين الدعم الاجتماعي ومتوسط العمر المتوقع.
- النقد: هل هذه العلاقات تعكس السعادة الحقيقية؟ أم أنها مجرد مؤشرات للرفاهية المادية التي لا تعبر عن تجارب الأفراد الشخصية؟
3. بناء لوحة البيانات (Dashboard)
- اللوحة تقدم رؤية مرئية لبيانات السعادة، بما في ذلك:
- ترتيب الدول حسب مستويات السعادة.
- مقارنة العوامل الاقتصادية والاجتماعية.
- توزيع السعادة جغرافيًا باستخدام خرائط حرارية.
- النقد: في حين أن اللوحة تسهل فهم البيانات، فإنها تظل محدودة بما تعكسه البيانات نفسها، والتي قد تكون منحازة نحو معايير غربية للسعادة ولا تعكس الفروقات الثقافية.
النتائج الرئيسية والتساؤلات
1. الدخل والسعادة:
- التحليل أظهر أن الدخل يلعب دورًا مهمًا في تحديد مستوى السعادة، لكن إلى أي مدى يمكن أن نعتبر هذا مقياسًا عالميًا؟ في دول ذات ثقافات مختلفة، قد لا تكون السعادة مرتبطة بالدخل بنفس الدرجة.
2. الدعم الاجتماعي:
- العلاقة القوية بين الدعم الاجتماعي والسعادة تبدو منطقية، لكنها تثير تساؤلات حول كيفية قياس الدعم الاجتماعي. هل يكفي أن نسأل الأفراد عن شعورهم بالدعم؟
3. المناطق الجغرافية:
- الدول الإسكندنافية تصدرت المؤشر، بينما سجلت الدول النامية مستويات منخفضة. لكن هل يعكس هذا فعلاً السعادة، أم أنه مجرد دليل على الفجوة الاقتصادية بين هذه المناطق؟
ماذا يمكننا أن نستنتج؟
من خلال تحليل هذه البيانات، يمكننا أن نستنتج الآتي:
- مؤشر السعادة العالمي يقدم فكرة مبسطة ومحدودة عن السعادة، مع التركيز على العوامل المادية والاجتماعية التي يمكن قياسها بسهولة.
- البيانات لا تأخذ في الاعتبار الجوانب الثقافية والنفسية التي قد تكون أكثر تعقيدًا ولكنها أساسية لفهم السعادة.
- بينما يمكن للمؤشر أن يكون أداة مفيدة لتقييم جودة الحياة من منظور اقتصادي، فإنه ليس كافيًا لتحديد ما يجعل الأفراد سعداء بالفعل.
رابط المشروع وتجربته
إذا كنت ترغب في استكشاف البيانات بنفسك وتجربة لوحة البيانات التفاعلية، يمكنك زيارة المشروع على كاجل:
World Happiness Dashboard Analysis
الخلاصة
في النهاية، السعادة ليست مجرد أرقام ومؤشرات، بل هي مفهوم معقد يتأثر بعدة عوامل غير قابلة للقياس الكمي. مشروع مؤشر السعادة العالمي يوفر بعض الإجابات، لكنه يترك الكثير من الأسئلة المفتوحة. لذا، من المهم أن ننظر إلى هذه البيانات كجزء من الصورة، وليس الصورة الكاملة.العالمي يقدم أداة قيمة لفهم العوامل التي تؤثر على السعادة. من خلال الجمع بين التحليل الإحصائي والتصورات التفاعلية، يمكننا توفير رؤى أعمق حول كيفية تحسين جودة الحياة على المستوى العالمي.